الموقع العربي الرسمي للجماعة الإسلامية الأحمدية

السبت، 3 أكتوبر 2015

لماذا سمي المسيح الموعود "ابن مريم" في الأحاديث



لماذا سمي المسيح الموعود "ابن مريم" في الأحاديث

الجواب الأول

لما صرح القرآن المجيد والأحاديث الصحيحة أن المسيح ابن مريم قد مات وأنه لا يرجع أبدًا إلى هذه الدنيا، ثبت أن المسيح الموعود المنتظر هو شخص آخر يكون من الأمة المحمدية، وأما تسميته بالمسيح ابن مريم فلأجل التشابه الواقع في الصفات والخواص، وهذا الإطلاق معروف شائع عند البلغاء وأهل اللغة، وكثيرًا ما يُذكر المشبَّه ويحذف المشبَّه به وحرف التشبيه لإظهار كمال التشبيه بين الشيئين، ويطلق اسم المشبَّه به على المشبَّه كما قال العلامة عبد القاهر الجرجاني: "إن التشبيه ينقسم إلى الصريح وغير الصريح. فالصريح أن تقول (كأن زيدًا الأسد) فتذكر كل واحد من المشبَّه والمشبَّه به باسمه، وغير الصريح أن تسقط المشبَّه به من الذكر وتجري اسمه على المشبَّه؛ كقولك (رأيت أسدًا)، تريد رجلا شبيهًا بالأسد، إلا أنك تغير اسمه مبالغة وإيهامًا أن لا فصل بينه وبين الأسد وأنه قد استحال إلى الأسديَّة. فإذا كان الأمر كذلك وأنت تشبه شخصًا بشخص، فإنك إذا شبَّهت فعلا بفعل كان هذا حكمه، فأنت تقول مرة: كأنّ تزيينَه لكلامِه نظمُ درٍّ؛ فتصرح بالمشبَّه والمشبَّه به، وتقول أخرى: إنما يَنْظم درًّا، تجعله كأنه ناظم درًّا على الحقيقة" (أسرار البلاغة صفحة 330). وقال الإمام الرازي في تفسيره: "إطلاق اسم الشيء على ما يشابهه في أكثر خواصه وصفاته جائز حسن (الجزء الثاني صفحة 689). وبما أن للمسيح الموعود مشابهات كثيرة بالمسيح عيسى ابن مريم عليهما السلام، فلذا أطلق على أحمد المسيح الموعود اسم ابن مريم عليهما السلام وهاكم بعض هذه المشابهات:
(المشابهة الأولى) جاء المسيح ابن مريم على رأس القرن الرابع عشر بعد موسى - عليه السلام -، كذلك جاء المسيح الموعود على رأس القرن الرابع عشر بعد محمد - صلى الله عليه وسلم -.

(الثانية) أن المسيح الإسرائيلي - عليه السلام - كان خادمًا ومصدقًا للشريعة الموسوية ولم يأت بشريعة جديدة مستقلة ناسخة لما قبلها، كذلك بعث أحمد المسيح الموعود - عليه السلام - مصدقًا للقرآن المجيد وخادمًا للشريعة المحمدية الغراء ولم يأت بشريعة جديدة مستقلة ناسخة لما قبلها.
(الثالثة) ظهر المسيح الإسرائيلي - عليه السلام - عند حدوث الضعف والاضمحلال في اليهود، وكذلك أتى المسيح المحمدي وقت ضعف الأمة الإسلامية.
(الرابعة) كما أن المسيح الإسرائيلي بعث في أيام الحكومة الرومية كذلك بعث المسيح المحمدي في أيام الحكومة المسيحية، والنبي - صلى الله عليه وسلم - بنفسه أطلق لفظ الروم على المسيحيين: كما قال: "تقوم الساعة والروم أكثر الناس" (صحيح مسلم، باب تقوم الساعة والروم أكثر الناس).
(الخامسة) بعث المسيح الإسرائيلي في حُلَّة الجمال وما نال السلطنة خلاف زعم اليهود، كذلك بعث المسيح الموعود في حُلَّة الجمال ولم يؤت ملكًا ظاهرًا من هذه الدنيا، وأتى خلاف أماني أهل الظاهر من المسلمين.
(السادسة) ما كان المسيح الإسرائيلي من بني إسرائيل من حيث الأب: لأنه ولد من غير أب، ولكنه كان إسرائيليًا من حيث الأم، كذلك ما جاء المسيح المحمدي من قريش من حيث الآباء! لأنهم كانوا من بني فارس، وإنه قرشي من حيث الأمهات، لأن بعض أمهاته كن من بني فاطمة ومن أهل بيت النبوة.
(السابعة) أن اليهود كفَّروا عيسى - عليه السلام - وكذَّبوه وأرادوا قتله وجروه إلى الحكام، كذلك فعل بعض علماء الإسلام بالمسيح الموعود وكفَّروه وكذَّبوه ورفعوا عليه القضايا في المحاكم الحكومية وسعوا كل سعي لقتله، ولكن الله عصمه من مكائدهم حسب وعده إياه (يعصمك الله من عنده وإن لم يعصمك الناس).

ومعلوم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أفصح الفصحاء، فلذا قال عن المسيح الموعود على وجه الاستعارة "كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم" (صحيح البخاري باب نزول عيسى ابن مريم)، و "كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم فأمَّكُم" (صحيح مسلم باب بيان عيسى بن مريم)، مشيرًا إلى أنه يكون فردًا من أفراد الأمة المحمدية.

الجواب الثاني

وفي حديث آخر قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لبعض أزواجه: "إنكنّ لأنتُنَّ صواحبُ يوسف، مُرُوا أبا بكر فليصَلِّ بالناس" (صحيح البخاري: كتاب الأذان). فانظر كيف أطلق النبي - صلى الله عليه وسلم - على أزواجه ألفاظ صواحب يوسف استعارة لأجل التشابه في شيء واحدٍ فقط.

الجواب الثالث

هناك طائفة من المسلمين الأقدمين الذين توغلوا في استنباط دقائق القرآن والأحاديث النبوية وليسوا من أهل الظاهر ذهبوا إلى أن المراد من نزول ابن مريم مجيء رجل يشبه عيسى ابن مريم في الفضل والشرف، كما ذكر العلامة سراج الدين أبو حفص عمر بن الوردي في كتابه (خريدة العجائب وفريدة الغرائب) ما نصه: "قالت فرقة: نزول عيسى خروج رجل يشبه عيسى في الفضل، كما يقال للرجل الخيّر مَلَك وللشرّير شيطان تشبيهًا بهما ولا يراد بهما الأعيان" (صفحة 205).

الجواب الرابع

وفي رواية للبخاري "قال أبو هريرة رضي الله عنه سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ما من بني آدم مولود إلا يمسه الشيطان حين يولد فيستهل صارخًا من مسّ الشيطان غير مريم وابنها، ثم يقول أبو هريرة: إني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم " (كتاب بدء الخلق، باب واذكر في الكتاب مريم).

قال العلامة الزمخشري في شرح هذا الحديث: "فالله أعلم بصحته، فإن صح فمعناه أن كل مولود يطمع الشيطان في إغوائه إلا مريم وابنها فإنهما كانا معصومين، وكذلك كل من كان في صفتهما كقوله تعالى: {لأُغْوِيَنهُمْ أَجْمَعِينَ، إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ}. (تفسير الكشاف: الجزء الأول صفحة 186)
ويؤيد ما قاله الزمخشري حديث آخر "قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لو أن أحدكم إذا أتى أهله فقال: اللهم جنبني الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتني، فإن كان بينهما ولد لم يضره الشيطان ولم يسلط عليه (صحيح البخاري، كتاب بدء الخلق، باب صفة إبليس). فثبت من هذا أن لفظ "ابن مريم" في الحديث اسم وصفي أُطلق على رجل تقي ورع، والمراد من "نزول" ابن مريم بعثة رجل من الأمة المحمدية.

الجواب الخامس

بين النبي - صلى الله عليه وسلم - أن صفة المسيح الموعود مختلفة عن صفة المسيح الناصري، فإنه رأى ليلة أُسريَ به عيسى وموسى وإبراهيم عليهم السلام، وقال عن عيسى - عليه السلام -: "فأما عيسى فأحمر جعد عريض الصدر (صحيح البخاري)، وَوَصف المسيح الموعود بقوله: "أَرَانِي اللَّيْلَةَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ فِي الْمَنَامِ فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ كَأَحْسَنِ مَا يُرَى مِنْ أُدْمِ الرِّجَالِ تَضْرِبُ لِمَّتُهُ بَيْنَ مَنْكِبَيْهِ رَجِلُ الشَّعَرِ يَقْطُرُ رَأْسُهُ مَاءً وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى مَنْكِبَيْ رَجُلَيْنِ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالُوا هَذَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ." (صحيح البخاري: كتاب بدء الخلق، باب واذكر في الكتاب مريم)
فاختلاف الصفتين يدل على أن المسيح الموعود به للأمة المحمدية هو غير المسيح عيسى ابن مريم الناصري - عليه السلام -.

الجواب السادس

يقول الله تعالى عن المسيح الناصري - عليه السلام - {وَرَسُولا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} (آل عمران: 50)، وقال المسيح بنفسه أيضًا {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِني رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ} (الصف: 7) .. أي أن المسيح الناصري إنما أرسل إلى بني إسرائيل فقط. فلو فرضنا رجوعه كخليفة لسيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي أُرسل إلى جميع الناس كما قال الله تعالى {قُلْ يَا أَيهَا الناسُ إِني رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} (الأعراف: 159)، فلا بد من أن يقول المسيح الناصري إني رسول الله إليكم جميعًا، وقوله هذا يكون مخالفًا صريحًا لقول الله تعالى: {وَرَسُولا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} (آل عمران: 50)، وهذا ينافي رسالته إلى غير بني إسرائيل، فلزم أن يكون المسيح الموعود غير المسيح الناصري - عليه السلام -، ولا يكون إلا من الأمة المحمدية.

الجواب السابع

يقول الله تعالى: {إِنا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولا} (المزمل: 16). وقد مثل الله تعالى نبينا - صلى الله عليه وسلم - في هذه الآية بموسى - عليه السلام -، فكما أن الله تعالى شبَّه محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بموسى - عليه السلام - كذلك شبَّه الأمة المحمدية بالأمة الموسوية، وقال: {وَعَدَ اللهُ الذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} (النور: 56)، ووعد المؤمنين في هذه الآية أنه يستخلف منهم كما استخلف من قوم موسى، أي أن الخلفاء في الأمة المحمدية يكونون مثل الخلفاء في الأمة الإسرائيلية، وكما أن الله أرسل مسيحًا إسرائيليًا لإصلاح الأمة الإسرائيلية، كذلك كان ضروريًا أن تعطى الأمة المحمدية مسيحًا محمديًا لكي تتم المماثلة بين السلسلتين؛ سلسلة موسى وسلسلة سيد المرسلين. ومُسَلَّمٌ أن المشبَّه والمشبَّه به لا يكونان شيئًا واحدًا؛ فالخليفة والمجدد الأعظم في الأمة الموسوية كان المسيح عيسى الناصري، وفي الأمة المحمدية المسيح المحمدي أحمد القادياني عليهما السلام.

هذا وإن الله رأى مفاسد آخر الزمان وفساد القسيسين وفلاسفة النصارى أنهم يطرون ابن مريم إطراء ويفضلونه على سائر الأنبياء؛ لا سيما على سيدنا ومولانا خاتم الأنبياء محمد المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، ويسبّون خير البرية ظلمًا وعدوانًا ويجرحون قلوب المسلمين بحصائد ألسنتهم ويؤلفون كتبًا في رد الإسلام على وجه الافتراء، فاشتد غضب الله وفارت غيرته واقتضت رحمته، فأراد أن يرحم العباد ويحافظ على عزة نبيه - صلى الله عليه وسلم - القعساء، ويقيم الحجة على النصارى ويبطل مزاعمهم، فبعث رجلا من خدام النبي - صلى الله عليه وسلم - وأعطاه منزلة المسيح وسماه "ابن مريم" لتظهر فضيلة النبي - صلى الله عليه وسلم - ويتجلى المقام المحمدي وأن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - هو السيد وما المسيح إلا كالخادم فطوبى للذي لا يعترض على حكم الله.

2 التعليقات :

  1. هههههه,لقد مت من الضحك.

    ردحذف
  2. كذب محض واختلاق.
    يقول في أول مقاله أن القرآن والسنة جزما يقينا بعدم عودة عيسى بن مريم؟!! فكيف يصح هذا والأحاديث متواترة في نزول عيسى بن مريم؟
    فصاحب المقال قام بتكذيب هذه النصوص المتواترة وحرف معناها ثم ليحتج على ضلاله ادعى زورا أن القرآن والسنة جزما يقينا بعدم عودة عيسى بن مريم
    ثانيا النصوص المتواترة جاءت بذكر اسم عيسى وفي نصوص ابن مريم وفي نصوص المسيح. كل هذه التأكيدات تدل على الحقيقة وليس المجاز والتشبيه.
    ثالثا الأصل في اللغة هو الحقيقة وليس التشبيه والمجاز. فإن قلت جاء عيسى فالعربي يفهم منها جاء عيسى حقيقة. ولا يتم اللجوء إلى التأويل إلا عند امتناع الحقيقة يقينا ، كما في الأمثال المضروبة. فقوله صلى الله وآله وسلم إنكن لصواحب يوسف، فاليقين أن نساء النبي لسن صواحب يوسف فكان المعنى إنكن شبيهاتهن. لكن أين اليقين المانع من نزول عيسى بن مريم ؟!!!
    كيف نترك حقيقة النص وظاهره لتشبيهات وتأويلات لا تعدو أن تكون ظنونا وتحريفا؟
    نريد يقينا يقول أن عيسى بن مريم في نصوص النزول ليس هو ابن مريم المعروف وأن شبيهه هو من سينزل ثم نريد يقينا أن غلام أحمد هو عيسى بن مريم الموعود ، ودون ذلك خرط القتاد فإنما هي آماني لا تقوم على سواعد الحق

    ردحذف

عربي باي